في نهاية الأسبوع الماضي تم طرح الإعلان الكامل الأول للفيلم الأمريكي “Parkland” و هو الفيلم الذي يروي الأحداث الحقيقية لمقتل الرئيس الأمريكي جون فيتزجيرالد كينيدي في عام ١٩٦٣ في ولاية تكساس الأمريكية. من المدهش أن نعرف اليوم أن الأحداث الحقيقية الدقيقة لهذه الحادثة المأساوية التاريخية لم يتم سردها من قبل في أي فيلم روائي شهير. ففيلم “JFK” الكلاسيكي الكبير للمخرج أوليفر ستون، رغم تميزه الشديد، كان تركيزه الأكبر على زاوية التحقيق الذي قاده المدعي العام لنيو أورلينز “جيم جاريسون” و عاب الفيلم إحتضانه الشديد لنظرية المؤامرة التي دفعته لحقن وقائع و شخصيات و مشاهد كثيرة لم تكن حقيقية.
الفيلم من إخراج بيتر لانديسمان الذي كتب سيناريو الفيلم أيضاً بناءً على كتاب “أربعة أيام في نوفمبر” للكاتب فينسينت بيجليوسي. و يقوم ببطولته كوكبة متميزة من النجوم تضم بول جياماتي، في دور إبراهام زابرودر و هو المعروف تاريخياً بصاحب التسجيل المصور الوحيد للحظة الإغتيال، و زاك إيفرون، الذي يبدو من الإعلان أنه يقوم بدور الطبيب الذي يستقبل الرئيس الأمريكي في المستشفى، و جون ليفينجستون و مارسيا جاي هاردن و بيلي بوب ثورينتون و جاكي إيرلي هيلي و جيمس بادج ديل .. أليس من الغريب جمع هذا القدر من الممثلين أصحاب الأسماء الثلاثية في فيلم عن جريمة أُدين فيها القاتل الأشهر عالمياً ذو الإسم الثلاثي “لي هارفي أوزوالد”؟! من الصعب جداً التحرر من نظرية المؤامرة عند الحديث عن كينيدي!
إعلان الفيلم نجح جداً في خلق تطلع لعرضه من عدة جوانب، أهمها الجانب الإنساني و أفضل تجسيد لها هو إنفعالات بول جياماتي في لقطة تصوير لحظة الإغتيال، و كذلك جانب الإثارة في لحظات الغضب لمعرفة أن القاتل كان بحوزة الجهات الأمنية بالفعل قبل الحادث على سبيل المثال أو تعقيب بيلي بوب ثورينتون عند مشاهدته للتسجيل بأن “ما كان لهذا أن يحدث”. أما على الجانب الفني فأكثر ما جذب إنتباهي هي الأزياء و المكياج الذي أعتبره جيد جداً في حدود ما شاهدته من الإعلان.
يعيب الفيلم غياب نجوم الدرجة الأولى عن طاقم العمل باستثناء زاك إيفرون، و هو إستثناء قد نختلف عليه أصلاً. أنا هنا لا أقلل من قيمة أبطال الفيلم، فالإختيارات جميعها فوق الممتازة. و لو تسمحوا لي أن أطلب منكم الإنتباه جيداً ل”جيمس بادج ديل” فهو ممثل غير عادي و ينتظره مستقبل كبير جداً و قد أشرت لذلك من قبل عندما أثنيت على دوره في The Grey، و لعلكم تذكروه جيداً من دوره القصير الرائع في فيلم Flight. مرتادي السينما عادةً ما يبحثون عن أسماء النجوم هو أمر لن يكون في صالح الفيلم لو ناطح الأفلام الكبرى. و قد أحسن منتجو الفيلم، الذين يضموا توم هانكس بالمناسبة، إختيار الرابع من أكتوبر كموعد لعرض الفيلم و ذلك لتجنب المعركة الطاحنة التي ستبدأ في منتصف نوفمبر و حتى موعد إعلان ترشيحات الأوسكار في منتصف يناير ٢٠١٤.
يقلل من فرص الفيلم في النجاح أيضاً مخرجه بيتر لانديسمان في فيلمه الأول حيث لم يسبق له العمل على فيلم روائي طويل من قبل سوى فيلم “Trade” الذي لم يلق نجاحاً كبيراً و كان له كاتباً و منتجاً منفذاً فقط. بيتر لانديسمان له فيلم آخر سيعرض في ٢٠١٤ تحت عنوان “Kill the Messenger” و لكنه يكتفي فيه بالكتابة و ليس الإخراج.
بقى أن نشير إلى أن تسمية الفيلم “Parkland” تعود لاسم المستشفى التي نقل لها جون كينيدي بعد الحادث و لفظ فيها أنفاسه الأخيرة.