فى البداية الفيلم يحتاج لأكثر من مقال ولكنى بقدر الإمكان حاولت أن الملم شتات افكارى فى هذه الكلمات ..
نحن نتكلم عن فيلم لمخرج هندي شهير لا يوجد له فيلم ضعيف وممثل بوليودي شرحه .. يختار مواضيعه بدقة شديدة ، فالمخرج هو “راجكمار حيرانى” والممثل هو “عامر خان” .
الفيلم يحمل طرح جديد لفكرة جديدة لم تناقش من قبل ، وهى فكرة البحث عن الحقيقة والوقوع فى فخ المتاجرة بها .. أو بالأحرى المتاجرة بالدين ، ولا تصلح مناقشة هذه الفكرة إلا فى الهند .. تلك الأرض الممتزجة بالديانات المختلفة ومن على تلك البقعة القديمة والغزيرة نذهب معاً فى رحلة بريئة لشخص أتى من الفضاء عارياً كالطفل يوم ولادته .. وأول شئ يحدث له هو التعرض للسرقة من بشري .. يسرق منه جهاز تحكمه فى مركبته الفضائية والتى سيرسل لها من خلال هذا الجهاز إشارات عند رغبته فى العودة ، ومن ثم يتوه ويغوص فى هذا العالم الغريب الملئ بالخداع وأول سبيل له ونصيحة يأخذها من البشر هى البحث عن الإله ، “فإذا أردت ان تعود لمنزلك سل إلهك” ولكنه ليس له إله .. وإذا اراد الإله فأى غله من كل هذه الديانات التى يعتنقوها ..
ومن ثم يطرق جميع أبواب الديانات ، يمارس الهندوسية والمسيحية والإسلامية وغيرها من العبادات المختلفة ولكنه لم يجد ضالته فى شئ .. فقد سأل جميع الألهة ولم يرشده أى إله حتى يكتشف ان المشكلة ليست فى الإله بل فى طريقة عبادته نفسها وعلى ساجية تفكيره كما قال (فالإشارة تبعث للإله بطريقه خاطئة لذلك لم تصل) والسبب فى ذلك هم المشرفين على الإرسال (رجال الدين) ليصل لأعمق وأفضل نظرية سمعتها عن الدين ونقيضه التطرف (جميعكم تقولون ان هناك اله واحد فقط .. ولكننى اقول أن هناك إثنان ، الإله الأول هو الذي خلقنا جميعاً .. والإله الثانى أنتم من خلقتوه أو بالأحرى إخترعتموه) .
شاهد أيضاً: بالفيديو | تصنيف لأفضل ١٠ أفلام في التاريخ | الحلقة الثانية
وبما أن هناك إثنان من الألهة فهناك إثنان من الدين ، دين خلقه الإله وجعله شريعة لنا ودستوراً نسير عليه ودين نحن حرفناه وابتدعناه .
الفيلم لخص لنا فى ساعتان ونصف جميع النظريات المتطرفه والخداع الديني الذي تعيشه البشرية منذ بدء الخليقة حتى الأن ، فالبعض يهاجم الفيلم على إنه مضلل ولكنى أقول بأنه حقيقي .. فلم يخادعنا الفيلم ولم يدس لنا السم فى العسل .. بل أظهر لنا الحقيقة فى رحلة إنسانية شديدة العمق ، رجل عاري أتى إلى الأرض .. ضال لا تُعرف له هوية .. أراد أن يتعلم لغة البشر ويعتنق دينهم فضل طريقه من بين دين ومنهج وطقس ليتهمه الجميع بأنه سكران (بي كي) ، انها حياة البشرية فى ضلالها منذ بدء الخليقة وبحثها عن يقين والى الان لم تجده .. شعرت أيضاً ان الفيلم إعتمد على فلسفة الأديب العظيم نجيب محفوظ حين يريد ان يرسخ حياة الأمة وعلاقتها بالخالق .
إقرأ أيضاً: They Shoot Horses, Don’t They? | الإجابة نعم
السيناريو جاء بديع خفيف الظل بمناقشته قضية شديدة التعقيد بأسلوب سهل ممتنع لم يزعجنا .. سواء فقط فى حادثة القطار التى لا أرى فيها أى شئ اضاف للفيلم وإذا ارادوا موت سارق القلادة فلما أظهروه من البداية فكانوا جعلوه مختفى ولكن التاتش الهندي برضوا لازم يسيب أثره .
الإخراج فلا جديد على راجكمار حيرانى فى ان يظهر لنا صور إبداعية سهلة لم تزعج أعيننا وإدارة جيدة للوكيشنات والممثلين فهو مخرج عظيم لا يحتاج لشهادتى ، كذلك الأداء التمثيلي لجميع الممثلين كان بديعاً حساساً وابتسمت شفتاى بظهور الممثل رامبير كابور فى النهاية .
عن (بي كي) قالت رفيقته فى النهاية حين ودعها عائداً لموطنه (لم ينظر للخلف مرة واحده .. فقد أراد إخفاء دموعه .. لقد تعلم مننا كيف يكذب .. وعلمنا كيف نحب)
شاهد أيضاً: بالفيديو | مناقشة وردود أفعال لحظية لإعلان جوائز الأوسكار الـ٨٧ – الجزء الأول
وقال هو لرفقائه قبل أن يهبطوا على الأرض (تذكروا ماذا قلت لكم عن كوكب الأرض فالحب والمشاعر شئ خفي يفعلوه الناس فى السر أما أى شئ قبيح فيفعلونه فى العلن) .
للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك: يوسف وجيه