إستثمرت وجودي في مدينة دبي في رحلة عمل في مشاهدة فيلم حديث أكتب عنه بمجرد عودتي. الأفلام المتاحة كانت متنوعة و مثيرة للإهتمام و لكني، دوناً عن عشرات الأفلام، إخترت Kick Ass 2 لسببين، أولهما: إني من أشد المعجبين بالجزء الأول من الفيلم و ثانيهما: أني لم أكن أصدق أن الفيلم الدموي العنيف ذو الحوار الحاد و صاحب التقييم (R) سيتم عرضه في السينمات العربية من الأساس.
تجربة السينما في دبي ممتعة في حد ذاتها بدءاً من ماكينات حجز التذاكر الأوتوماتيكية و مروراً بإتاحة الأفلام في حفلات متقاربة يفصلها ساعة فقط، و ليس ثلاث ساعات كما هو الحال في مصر، و نهايةً بشاشة العرض العملاقة حتى إني ظننت أننا سنشاهد الفيلم بنظام IMAX حتى أوضح لي أصدقائي أن هذه هي الشاشاة الطبيعية … معلش يا جماعة، الغريب أعمى و لو كان بصير.
إقرأ أيضاً: بالفيديو | خطة الهروب – ستالون و شوارزنجر معاً من جديد
إستمرت سعادتي بالتجربة و إستمتاعي بالأجواء حتى بدأ الفيلم .. ثم إنهار كل شيء. فيلم Kick Ass 2 ببساطة هو كيان شرير، ما كان له أن يخرج للنور. فيلم المخرج جيف والدو مثير للغثيان و الإشمئزاز و الغضب و الإستعجاب. الأمر يبدو كما لو كان ريد ميست، عدو شخصية كيك آس في الفيلم الأول، قد إشترى حقوق إنتاج الجزء الثاني ليقضي على أسطورة البطل الشعبي للأبد. و في التالي أقدم لكم الأسباب الستة التي أدت لهذا التقييم القاسي:
السبب الأول: جيم كاري؟ إنسى!
لكل من توقع أن تواجد جيم كاري سيضيف للفيلم و يضفي عليه بعد جديد من … الكوميديا ربما أو التجسيد الغير تقليدي لشخصية عنيفة أو حتى أياً كان ذلك الذي بعثه تواجد نيكولاس كيج في الفيلم الأول، أحب أن أقول له إنسى! تواجد جيم كاري الفيلم غير محسوس من الأساس أولاً لأنه قصير جداً و ثانياً لأن أسلوب تجسيد الشخصية لا يشبه جيم كاري في أي شيء. فبينما نيكولاس كيج أدى أفضل أدواره في العشر سنوات الأخيرة في Kick Ass, جيم كاري أدى أسوأ دور في حياته في Kick Ass 2 … أيوة، بما في ذلك The Number 23
السبب الثاني: كوميديا القيء … و أكثر من ذلك
إذا كنتم مثلي ممن لا يضحكون أبداً في مشاهد القيء التي يُقصد بها الكوميديا فالمجد لكم. الفيلم يعتمد في بعض لحظات الكوميديا على مشاهد القيء و …. أكثر من ذلك. آه والله أكثر من ذلك بس مش عاوز أقلب لكم بطنكم عالصبح! هذه المشاهد التي لطالما كرهتها بسبب الفقر الفكري التي تعكسه و التي طالما شاركني في كرهها كل رواد السينما المصرية، فجرت ضحكات أغلبية من حضر الفيلم حتى إن صديقي الجالس بجانبي أمسكني ليمنعني من الوقوف صراخاً “تحيا جمهورية مصر العربية”!
السبب الثالث: عندما يقوم السيناريست بكتابة الحوار برجله
سيناريو الفيلم كتبه أيضاً جيف والدو، الكاتب، و المخرج، الفاشل، منعدم الشخصية و الأسلوب و الذوق و الأي حاجة! عندما بحثت عن سجله على موقع IMDB وجدت سطر واحد يقوم بوصفه و هو أنه إبن السيناتور إيميلي كوريك … إنت مش إبن إيميلي كوريك، دة إنت إبن ***! حوار الفيلم، المأخوذ عن كتب Kick Ass المصورة، وصفه لي صديقي، غير صديقي اللي منعني من الحبس، في جملة رائعة قال لي فيها “أنا شوفت أفلام *** الحوار فيها كان أنضف من كدة”. حوار ساذج و مكرر و بايخ يجعلك تشعر بالإحراج لمجرد أنك تجلس في نفس المكان الذي يعرض فيه، ما بالك بقى لو كنت صاحب الإقتراح أساساً. أنا آسف يا أسامة، أنا آسف يا شريف!
السبب الرابع: مشاهد عنف مالهاش أي تلاتين لازمة
ماتفهمونيش غلط! أنا مش طري يا شريف! كما ذكرت في البداية أنا من أشد المعجبين بفيلم Kick Ass الأول رغم مشاهد العنف و الدماء المبالغ فيها في بعض الأحيان. لكن الأمر مختلف تماماً في Kick Ass 2 فالعنف يأخذ شكل السكتشات المتفرقة التي تقترب من الأفلام المحظورة من العرض الإباحي و المخصصة للمرضى النفسيين و الساديين! في أحد المشاهد نرى ماكينة جز حشائش تخترق زجاج سيارة شرطة لتبدأ في تقطيع الضابطين الجالسين فيها .. وصلت الصورة؟!
السبب الخامس: عيب! إحنا مجتمع عربي محافظ!
طب لما إنت مجتمع محافظ بتعرض الفيلم ليه؟! و لماذا تقوم بإدخال تعديلات على الحوار لتقوم بحذف الألفاظ البذيئة مثل الكلمة F و الكلمة B! أنا لا أتحدث عن الbleep الشهيرة، أو كما نسميها نحن “التييت”، أنا أتحدث عن تعديلات سافرة! فإسم شخصية الفيلم الشريرة أساساً هو شتيمة في حد ذاتها، و يمكنكم معرفتها بمطالعة تفاصيل الفيلم في أي موقع متخصص. و لكن أحد العباقرة رءاها تتماشى مع تعبير “مزارع البطيخ” أو “The Melon Farmer” و تمكن من تعديل الصوت ليحذف الكلمة البذيئة و يستبدلها بالكلمة البطيخة! و على ذلك المنوال تكررت في الفيلم كثيراً كلمات Witch و Freak! بسؤال أصدقائي عما إذا كان هذا هو الحال دائماً في سينمات دبي فنفوا ذلك تماماً و أكدوا أنها المرة الأولى! القرار هنا واضح، إذا كان الفيلم غير مناسب فلا تعرضه و إن عرضته فاعرضه كاملاً … خصوصاً و أنك لم تحذف مشهد جنسي واضح في منتصف الفيلم .. يلا بقى!
السبب السادس: التغيير الغير منطقي للمخرج
لا يضاهي تغييرات حلمي طولان في إنعدام المنطقية سوى تغيير ماثيو فون مخرج الجزء الأول بابن إيميلي كوريك في الجزء الثاني. ماثيو فون مخرج رائع، تمكن، في الفيلم الأول، من تجسيد عملية تحول البطل الخارق من شخص عادي لاستبيان مسؤولية، نحملها جميعاً في الحقيقة، بشكل إستثنائي. و في رأيي، مشهد المعركة الثانية لشخصية كيك آس في الفيلم الأول هو مشهد تاريخي يمكن تصنيفه، على الأقل، ضمن أفضل عشر مشاهد في تاريخ أفلام الأبطال الشعبيين و الخارقين. ماثيو فون هو أيضاً صاحب إنجاز إنقاذ أفلام X-Men بأخراجه لفيلم X-Men: First Class الذي أعاد رونق السلسلة بعد إخفاق بريت راتنر البشع في The Last Stand. تغييره بجيف ويلدو المتواضع قرار سيندم عليه القائمين على الفيلم جميعاً
لقد تعمدت عدم التطرق لقصة الفيلم أو حبكته لأنهما في غاية الضعف و لأن إقناعكم بعدم دخول الفيلم أهم كثيراً من طرح مقوماته الفنية. لو كان هناك عدل في هوليوود، لكان من الضروري تعويض كل من شاهد الفيلم مادياً و إيقاف كل من ساهم في تكوين هذا المسخ بالإيقاف ٥ سنوات.